وثيقة

مغامرات الأمير أحمد

1926
prince-achmed-1.jpg


لوته رينيغر ومغامرات الأمير أحمد

يقدّم معرض "الهويات العربية، الصور في الأفلام"، فيلم الرسوم المتحركة الكامل "مغامرات الأمير أحمد" (1926). وهنا يجيب الأستاذ سكوت كيرتس عن أسئلتنا حول هذا الفيلم الرائد وأهميته وتأثيره.

لم أسمع قط بلوته رينيغر أو فيلم مغامرات الأمير أحمد- هل يمكنك أن تطلعني على ما فاتني؟

كانت لوته رينيغر رسّامة ألمانية بَرَعَت باستخدام المقص والورق بشكلٍ خاص. لقد صنعت أكثر من 50 فيلماً من الصور الظلية، حيث كانت تحرّك الأشكال والقصاصات الورقية المصمَّمة بعناية أمام صندوق ضوئي، فتبدو وكأنها شخصيات تتحرّك في الظل. مغامرات الأمير أحمد واحد من أشهر الأمثلة التي توضّح أسلوب عملها الاستثنائي. صَدَرَ الفيلم عام 1926 وكان من أوائل أفلام الرسوم المتحركة الطويلة، علماً بأنه سبق ظهور فيلم سنو وايت والأقزام السبعة لديزني عام 1937، الذي يُقال إنه أول فيلم للصور المتحركة.

هو إذن فيلم من الصور الظلية المتحركة، ماذا يعني ذلك؟ كيف تم صنعه، وكم استغرق صنعه؟

على غرار أفلام الرسوم المتحركة، يتم تصوير أفلام الصور الظلية كل حركة على حدة. ولكن بدلاً من الرسومات، استخدمت رينيغر الدمى المصنوعة من الورق المقوى الأسود والرصاص الرفيع؛ كل طرف كان يُقصُّ بشكل منفصل ثم يُثبَّت باستخدام مفصلات سلكية. الخلفيات هي الأخرى كانت تُقصّ بواسطة المقصّ، لكن بعضها كان يُقصُّ من ورق شفاف ليضفي إحساساً بوجود طبقات متتالية. كانت الخلفية والشخصيات تُنسَّق على صندوق ضوئي به كاميرا علوية. كل وضعية من وضعيات الشخصية المثبتة على القوس الحركي كانت تتوافق مع إطار أو اثنين من أطر الفيلم، مع تقديم 24 إطاراً في الثانية الواحدة (وهي سرعة العرض القياسية)، وبهذا كانت كل دقيقة في الفيلم تتألف من 1440 حركة منفصلة، أو ما يتراوح بين 50,000 و93,000 حركة في 65 دقيقة، وهي مدة هذا الفيلم. استغرق إنجاز الفيلم ثلاث سنوات بين عاميّ 1923

prince-achmed-6.jpg

 

ما سبب افتتان المخرجين والباحثين والأكاديميين الكبير برينغير وفيلمها؟

السبب هو أن تقنيتها في تنفيذ الصور الظلية كانت فريدةً من نوعها ولا مثيل لها، لذا يُعدُّ هذا الفيلم مثالاً لا يُضاهى في فن الرسوم المتحركة، ناهيك عن طوله الذي وصل إلى 65 دقيقة في ذلك الزمن. كانت المخرجات / أو فنانات الرسوم المتحركة نادرات جداً في ذلك العصر، حتى في فترة السبعينيات. هذا السبب وحده كفيل بأن يجعل من رينيغر شخصية فريدة ومتميّزة. لكن علاقاتها القوية بأسماء شهيرة في المسرح والسينما، ولا سيّما تعاونها مع مخرجين / ورسامين طليعيين- الذين ساهم بعضهم (مثل والتر روتمان وبرتولد بارتوخ)- في إعداد الفيلم، وضعتها أيضاً في قلب الساحة الثقافية الألمانية خلال فترة حكم جمهورية فايمار. أخيراً، وبهدف تنفيذ بعض التقنيات، صمّمت هي وطاقمها الصغير منصة متحركة تحتوي على مستويات متعددة، وثبَّتت فوقها الكاميرا، وبهذا سبقت كاميرا ديزني الشهيرة متعددة المستويات التي استخدمها عام 1937.

prince-achmed-3.jpg


تبدو رينيغر مؤثرة جداً — ما التأثيرات الأخرى التي تركتها على عالم الصور المتحركة، ربما حتى دون علمها؟

كل أفلام الصور الظلية التي صدرت بعد فيلم رينيغر القصير الذي أنجزته عام 1919 استمدّت الإلهام جزئياً من عملها هذا، بدءاً من فيلم (التقويم) لتوني سارج (الولايات المتحدة الأمريكية، 1921-1923) إلى فيلم (حكايا الليل) لميشيل أوسيلوت (فرنسا، 2011). تُعتبر قصاصات الورق أساس العديد من أفلام الرسوم المتحركة، حتى لو لم تكن صوراً ظلية. لا يزال فيلم (الشحرور) لنورمان ماك لارين (كندا، 1958) مثالاً رائعاً، وكذلك فيلم (قرية الأغبياء) ليوجين فيدورينكو وروز نيولاف (كندا، 1999). لذا فإن تأثيرها على تاريخ الرسوم المتحركة كبير ومهم. وبالطبع، يُعدُّ هذا الفيلم من الاقتباسات الأولى لقصص ألف ليلة وليلة. وقد يكون له بعض التأثير على القصص السينمائية اللاحقة.

أوه، هل هذا الفيلم مقتبس من ألف ليلة وليلة؟ ما وجه المقارنة؟

لم تقتبس رينيغر قصة واحدة بعينها من ألف ليلة وليلة، بل أخذت بعض العناصر الشهيرة من الحكايات مثل السَحَرة والمشعوذين، والخيول الطائرة، والجزر السحرية، والطيور الخيالية وغيرها – أي العناصر التي "كانت مناسبة بشكل خاص للرسوم المتحركة الرائعة" على حد تعبير رينيغر. وجمعت هذه العناصر معاً في سيناريو من بنات أفكارها. هناك الكثير من القواسم المشتركة بين الفيلم والمصدر، لكنها لم تقتبس قصصاً بشكل مباشر.

prince-achmed-4.jpg


prince-achmed-12.jpg


بصراحة، ما تأثير هذا الفيلم برأيك على تصوير الهوية العربية، سواء في وقت إنتاجه أو اليوم؟ وكيف تستخدمه في فصولك الدراسية؟

ربما يكون التصميم البصري للفيلم هو أكثر جوانبه تأثيراً فيما يخص الهوية العربية. نعم، يعرض الفيلم صوراً تقليدية للوزراء العظماء والسَحَرة الأشرار، لكن هذا لا ينحصر في العالم العربي فقط، من الناحية السردية. أما تصميم الفيلم وتأثيره في نشر بعض العناصر المرئية - مثل الأزياء أو شكل القباب والقناطر والسمات المعمارية الأخرى – فهي عناصر مهمة. مع العلم أن فنّاني الرسوم المتحركة العرب المعاصرين، مثل سلافة حجازي، يقومون بدمج هذا النوع من عناصر التصميم للتعبير عن الهوية العربية تحديداً في قصصهم. لكن قيمة هذه العناصر البصرية واستمرارها في الإشارة إلى "التعريب" للعالم الغربي خصوصاً، ربما يكون الإرث الأكثر ديمومة لهذا الفيلم.

سكوت كيرتس أستاذ مشارك مقيم بجامعة نورثويسترن في قطر، يدرّس مادة تاريخ السينما وتاريخ الرسوم المتحركة. تتناول مجموعة إصداراته التحريرية (Animation) (مطبوعات جامعة روتجرز، 2019) طرق الإنتاج المختلفة عبر تاريخ الرسوم المتحركة الأمريكية.