وثيقة

الهاتف الذكي - مع مارتن كوبر

2021

تم اختراع الهاتف اليدوي المحمول في عام 1973 من قبل المخترع مارتن كوبر. خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، كان الأشخاص ذوو القدرة المالية الجيدة هم الوحيدين القادرين على اقتناء الهواتف المحمولة - فقد كانت حينها رمزاً للمكانة والثروة. ظهر الإنترنت في أوائل التسعينيات، وحينها فقط تم دمج الإنترنت مع الهاتف المحمول فظهرت الهواتف الذكية، التي أصبحت بمثابة حواسيب صغيرة متنقلة.

سألنا الرائد اللاسلكي مارتن "مارتي" كوبر عن رأيه في آثار وفرص وتهديدات تطور الهاتف الذكي على الصحافة. وهذا ما قاله:

 

الصحفيون هم أكثر المهنيين تقديراً للهاتف الذكي، لأنه وسيلة مهمة لإنتاجهم المهني قبل كل شيء. عندما عرَّفت العالم على الهاتف اليدوي المحمول في عام 1973، كانت الأدوات القياسية التي يستخدمها الصحفي هي مكتب وهاتف أرضي متصل بسلك إلى الحائط - وبالطبع كانت هناك السيجارة التي تولد سحباً من الدخان، والتي كانت رمزاً يُستخدم كمؤشر لسرعة زوال "الخبر". ومثل الدخان، اختفى المكتب والهاتف الأرضي السلكي، والسبب هو إدراك الطبيعة الحركية للناس، فالإنسان يهوى التنقّل بطبيعته. وهكذا فإن الأخبار التي تصل عن طريق الهاتف الثابت حصراً باتت تأتي في الدرجة الثانية.

اليوم، يمكن للصحفي المعاصر التواصل لجمع وجهات نظر الآخرين مع الحفاظ على قدرته في الاطلاع على الأخبار بشكل مباشر، وذلك بفضل تكنولوجيا الهاتف المحمول. إن عدد الهواتف المحمولة المستخدمة اليوم في العالم يزيد على عدد الناس. الهاتف الذكي ليس وسيلة لجمع المعلومات فحسب، بل يساعد أيضاً على إنشاء الأحداث والحركات الاجتماعية والتغييرات المجتمعية والترويج لها وقيادتها. تم تنفيذ الثورات السياسية بواسطة الرسائل النصية. لا يتطلب الأمر براعة أو مراسلاً صحفياً لتسجيل صورة أو مقطع فيديو لحدث مهم، يمكن لأي شخص لديه هاتف القيام بذلك. يمكن للصحفي المتنقل أن يستفيد من مجموعة فرعية كبيرة من الناس العاديين الذين يعملون كفريق ممتد له، دون إضاعة وقته بخوض الحدث شخصياً.

كان الهاتف اليدوي المحمول ثورياً بحد ذاته، إلا أن التأثير المجتمعي للهاتف في جميع مظاهره قد بدأ للتو. الهاتف الذكي هو جهاز يقول مليار شخص إنهم لا يستطيعون العيش دونه. إنه النسخة الحديثة من تقنية الحاسوب الخارق مع كاميرا عالية الدقة ونظام ملاحة دقيق. ومع ذلك، فهو لا يزال دون المستوى الأمثل - في الواقع هو ما يزال بدائياً من ناحية الوظائف التي يؤديها.

لقد قام العباقرة الذين اخترعوا هذه الأعجوبة التكنولوجية بتدريب المستخدمين على تقبّل هاتف يتطلب منا وضع قطعة مسطحة من البلاستيك والزجاج بجانب رؤوسنا المنحنية، مع استخدام أيدينا بوضعيات غريبة للاستماع إلى تمثيلات هامشية من الأصوات البعيدة. لقد تم تدريبنا، نحن المستخدمين، على تقبّل شاشة حجمها ست أو سبع بوصات، بينما يشاهد الآخرون التلفزيون بصور واقعية حجمها بين 60 و70 بوصة. قُدمت إلينا خيارات لاستخدام مليون أو مليوني تطبيق، لكن خيارات استخدام الحل الأمثل لا تزال محدودة جداً، ولا تزال هناك مواقع ذات تغطية هاتفية هامشية أو دون تغطية كلياً.

هذا على وشك أن يتغير، فهناك نسخة محسنة جذرياً من الهواتف الذكية على وشك الظهور. سترون، خلال فترة حياتكم، صوراً ثلاثية الأبعاد تصل إلى عيونكم بالحجم الطبيعي، وسوف تكون مصحوبة بصوت عالي الجودة. والأهم من ذلك، أن "الهاتف" (يا له من مصطلح قديم وغير دقيق!) سيتضمن ذكاءً اصطناعياً جاهزاً دائماً لخدمتكم كمستخدمين، بأقل جهد من جانبكم.

الهاتف الذكي هو أداتك. يجب أن تتصرف بطرق تعزز إنتاجيتك ووعيك بأقل قدر من التشتيت.

يلعب الصحفيون دوراً حاسماً في المجتمع الحديث، فهم مسؤولون عن زيادة وعي الآخرين بالأحداث والسياسة واحتياجات ورغبات بقية العالم، من أجل تعزيز معرفتهم، وتحسين قدرتهم على السيطرة. سيستمر الهاتف الخلوي في كونه أداة قيمة في تحقيق هذا الهدف. أنا فخور بأنه كان لي دور صغير في مساعدتكم على القيام بذلك.

 

__ظهرت هذه المقالة لأول مرة في كتاب "أصوات وحوارات"، الذي نُشر بالتزامن مع معرض "خبر عاجل؟ كيف غيّر الهاتف الذكي وجه الصحافة" الذي نظمه "مجلس الإعلام" في جامعة نورثويسترن في قطر، خريف 2020 - ربيع 2021.

__مارتن كوبر مهندس أميركي قاد الفريق الذي صنع أول هاتف خلوي محمول، وأول من أجرى مكالمة هاتفية باستخدام الهاتف المحمول في عام 1973، ويعتبره الكثيرون "والد الهاتف الخلوي". في بداية حياته المهنية، عمل كوبر على العديد من المشاريع التي تتضمن الاتصالات اللاسلكية في شركة موتورولا، مثل أول نظام إشارات مرورية لاسلكية التحكم، والذي حصل على براءة اختراعه في عام 1960، وأول أجهزة لاسلكي محمولة للشرطة، والتي تم تقديمها في عام 1967. في عام 1983، وبعد سنوات من التطوير الإضافي، قدمت موتورولا أول هاتف يدوي محمول للمستهلكين، هو DynaTAC 8000x. في عام 1986، أسس كوبر وزوجته أرلين هاريس مؤسسة دينا المحدودة، وهي مؤسسة مركزية أطلقا منها شركات أخرى، مثل ArrayComm (1996) و GreatCall (2006).