المكان تونس
وثيقة

ألكسندرا بوتشيانتي عن القرصنة والمسلسلات

2020

ألكسندرا بوتشيانتي باحثة تغطي الإعلام العربي، وخاصة صناعة المسلسلات وتأثير التقنيات الرقمية على إنتاج واستهلاك وتوزيع المسلسل.

هذا الحوار هو امتداد للحوار الذي أُجري مع بوتشيانتي في عام 2020، بعد أشهرٍ قليلة من تفشّي جائحة كوفيد-19. كان الكثير من الناس حينذاك يمكثون في المنازل ويشاهدون التلفزيون أكثر من أي وقت مضى. لم تكن المسلسلات تُبث بالضرورة على نتفلكس، لكن شعبية المسلسلات الدرامية على المنصات المجانية مثل يوتيوب، وعبر نماذج أعمال "فريميام" مثل شاهد على MBC، كانت ذات أهمية كبيرة بالنسبة لطرق مشاهدة الوسائط باللغة العربية ومشاركتها بين الجماهير في المنطقة. ورغم أن قرصنة المحتوى المرخَّص لا تزال شائعة، إلا أنها أصبحت تخضع للتدقيق بشكل متزايد مع اندفاع شركات الإنتاج والشبكات للسيطرة على تحقيق الدخل من البث عبر الإنترنت.

___كيف غيّرت المنصات الرقمية المتطورة طريقة وصول الجماهير في العالم العربي إلى المسلسلات لتفادي القرصنة؟

كانت القرصنة، ولا تزال، عاملاً مهماً يجب مراعاته عند تحليل عادات الاستهلاك واستخدام المنصات. فرغم أن هذه الممارسات غير قانونية وتتعارض مع قوانين الملكية الفكرية الوطنية والدولية، إلا أنه نادراً ما تم منعها حتى الآن، وهذا الكلام ينطبق تماماً على المحتوى العربي، حيث يميل المحتوى الأجنبي إلى أن يكون أكثر تنظيماً. تُظهر شعبية هذه الممارسات غير القانونية إمكانات عالية وطلباً كبيراً على المحتوى في المنطقة. منذ ظهور القنوات الفضائية في التسعينيات، كان بعض المشاهدين الإقليميين (خاصة في البلدان الأقل ثراءً) يستخدمون أطباق أو أجهزة فك تشفير أو اتصالات أقمار صناعية مشتركة. لقد تم إطلاق مجموعة كاملة من القنوات الفضائية بعد الانتفاضات العربية، تبث محتوىً مقرصناً حصرياً، غالباً ما يُبث من الإنترنت. تكيَّفت القرصنة أيضاً مع الإمكانيات الجديدة التي توفرها المنصات الرقمية بالإضافة إلى أحدث سلوكيات الجماهير، مثل التفاعل الاجتماعي حول المحتوى أو مشاهدة الحلقات بشكلٍ متتابع. يمكن للجماهير تحميل المحتوى من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والمنتديات، أو برامج مشاركة الملفات، أو الروابط الصغيرة، أو البث غير القانوني لمحتوى القرصنة على منصات مشاركة الفيديو مثل يوتيوب أو ديلي موشن أو القنوات الموجودة على تطبيقات المراسلة مثل تلغرام.

___لا بد أنك لاحظت أن بث الدراما التلفزيونية عبر الإنترنت على منصات مثل يوتيوب هو في تصاعد كشكل من أشكال المشاهدة، علماً بأنه لا يزال غير منظم إلى حد كبير حالياً. هل تعتقدين أن هذا النوع من البث سيكون مهدداً بمزيد من اللوائح والقوانين؟

هناك مؤشرات على زيادة التنظيم، لكن قوانين الملكية الفكرية لا تزال فضفاضة في المنطقة. من الصعب اتخاذ إجراءات صارمة ضد ممارسات القرصنة سريعة الحركة، والتي تؤدي إلى خسائر كبيرة، وصعوبات في توقيع صفقات البث، مما قد يؤدي إلى إعاقة نمو منصات التوزيع القانونية. يشعر منتجو الأفلام والدراما والاستوديوهات والقنوات من المنطقة وخارجها بقلق بالغ بشأن مشهد القرصنة. تم إنشاء تحالف لمكافحة القرصنة في المنطقة في عام 2014، يجمع بين كبار مزوّدي خدمة الأقمار الصناعية[1]، والمجموعات الإعلامية[2]، ومزوّد خدمة البث التلفزيوني المدفوع OSN، ومقدّمي خدمة IPTV، وأصحاب الحقوق الدوليين[3].  نجح هذا التحالف في إغلاق عدد من القنوات التلفزيونية المقرصنة، لكن لا تزال هناك قنوات جديدة تظهر. يريد التحالف أن يوجه انتباهه إلى القرصنة المتزايدة عبر الإنترنت أيضاً، لكن هذا سيحتاج إلى تعاون أوثق مع أنواع مختلفة من السلطات المتنوعة، بعضها موجود خارج نطاق المنطقة وسلطاتها القضائية.[4]

 

buccianti-image1-nouba.jpg

 النوبة (عشاق الدنيا، 2019-2020)، تونس. بإن من رافايل ماكرون.

 

لا يزال موقع يوتيوب منصة رئيسية للمسلسلات، حتى عندما لم يكن المحتوى يُحمَّل بشكل قانوني من قبل المنتجين. ففي رمضان 2020 مثلاً، قال فريق إنتاج الموسم الثاني الذي طال انتظاره من المسلسل التونسي النوبة (عشاق الدنيا)[5] إنهم لن يقوموا بتحميله على يوتيوب، وأنه سيتعين على المشاهدين مشاهدته على التلفزيون أو على منصة أرتفاي[6] على الإنترنت. تسبب هذا في عاصفة من الاتهامات عبر الإنترنت، وسرعان ما تم تحميل الحلقات من قبل عدد من المستخدمين على يوتيوب. بمجرد نشر مقطع فيديو على يوتيوب، يصبح من السهل تحميله بواسطة أدوات متنوعة متاحة مجاناً على الإنترنت من خلال عملية بحث بسيطة. يخصص موقع يوتيوب استثمارات كبيرة من أجل التصدي للقرصنة ويحاول إزالة المحتوى المقرصن بسرعة إلى حد ما، ولكن هناك منصات شائعة أخرى أثبتت صعوبة إغلاقها. على سبيل المثال، يستمر ظهور موقع ايجي بست سيئ السمعة الذي يُطلق عليه اسم "نتفلكس الفقراء" وهو اسم مألوف لقرصنة الأفلام والمسلسلات العربية والغربية. يأمل صانعو المحتوى وشركات البث والمنصات أن يتمكنوا من تحقيق الدخل وكذلك الاستثمار في إنتاج المحتوى الأصلي من خلال توفير طرق قانونية لبث المحتوى، بحيث يغيّر الجمهور في النهاية سلوكياته ويتخلى عن المحتوى المقرصن.

اقرأ المزيد من هذا الحوار بين ألكسندرا بوتشيانتي وأمينة المعرض هديل الطيب في سلسلة "أصوات وحوارات" المصاحبة لمعرض "العالم يشاهد المسلسلات". الكتاب متوفر باللغتين العربية والإنجليزية في مكتبة نورثويسترن قطر، كما يمكن شراؤه على الإنترنت.

 

[1] مثل يوتلسات وعربسات ونايل سات ونورسات وغالف سات.

[2] مثل روتانا وام بي سي وايه آر تي.

[3] مثل سوني بيكتشرز ويونيفرسال وباراماونت.

[4] انظر menaapc.org/whoweare.html.

[5]  انظر www.imdb.com/title/tt10110350/.

[6] انظر www.elcinema.com/work/2056500/.