
متى يتحول الميم إلى حركة؟
أصبحت الميمز حاضرة في كل مكان ومتغلغلة في حياتنا اليومية. وكما تنقل الجينات المعلومات البيولوجية من جيل إلى جيل آخر، فإن الميمز تنقل في طياتها السمات الثقافية عبر المجتمعات، متجاوزة الحدود الجغرافية والزمنية.
وفضلاً عن كونها أكثر من وسيلة تذكرنا بأننا نتشارك نفس الأفكار والتجارب، تُعد الميمز وحدة قياس مؤثرة للظواهر الثقافية.
بينما يظل تعريف الميم وأول ظهور له محل جدل، فلا شك أن الميمز أصبحت لغة العصر والعملة الاجتماعية الأساسية في القرن الواحد والعشرين.
برغم بساطة تكوينها إلا أن المعاني القوية التي تحملها الميمز تسهم في إتاحة تواصل ديناميكي ومتطور، وذلك من خلال المرئيات، والصوت والحركة والنصوص. عند معاينة الميم بشكل فردي، فهي تمثل لقطات توثيقية لثقافتنا المتعددة الأوجه. أما إذا نظرنا اليها بصورة كُلية، فهي تتخطى الحدود بين الأجيال والفوارق الاجتماعية والتوجهات السياسية والجغرافية، لتعيد كتابة التاريخ وإعادة صياغة طرق توثيقه والتعبير عنه ونشره للعالم.
تعتمد الميمزعلى السياق والتوقيت. فهي تنسج شبكات افتراضية حية، تنتشر وتختلط عبر مختلف الفئات الديموغرافية والأفكار والعوامل المؤثرة. إنها أداة لتلخيص المشاعر وإبراز التفاصيل، ومحاكاة الواقع وإعادة صياغة الأحداث، وتحويل الأفكار إلى شيء جديد. وعلى الرغم من أن قواعد التعامل مع الميمز لا زالت غير مكتوبة، إلا أنها مفهومة على نطاق واسع. إنها عالمية وبديهية، لكنها في الوقت ذاته تحمل طابعاً شخصياً وتغمرها معانٍ عميقة في تفاصيلها. حيث توفر الميمز وسيلة مبتكرة للتأمل في الماضي والتفاعل مع الحاضر واستشراف المستقبل.
انضموا إلى متحف مجلس الإعلام في خريف 2025 للتعرف على الطرق التي تعيد بها الميمز تشكيل سبل تواصلنا، عبر تعريفها المتطور وأثرها العميق والمتزايد في الثقافة الرقمية. من خلال مفهومي "الثقل" و"الطول"، انطلق في رحلة عبر ثقافة الميمز لاكتشاف اتساع الإبداع وانتشار الرسائل إلى جماهير عالمية بطرق لم يسبق لها مثيل لها. راقب كيف تسافر بعض الميمز عبر القارات - حيث يُعاد صياغتها وترجمتها في سياقات جديدة - بينما يتعثر ويخفق بعضها الآخر، ليكشف عن الفوارق اللغوية والتحديات الثقافية التي تتحول دون عبور حس السخرية والفكاهة بحرية عبر الحدود.
من خلال مفهومي "الوقت" و"الكم"، يغوص المعرض في عمق الميمز- تلك التي تشتعل كشرارة وتخبو، وتلك التي تتجذّر وتُعيد قراءة الحاضر بعيون الماضي. تأمل في الزمن والحجم اللذان يحتاجهما ميم واحد ليحرك قادةً سياسيين ويؤثر على شخصيات عامة أو يشعل فتيل حركات اجتماعية.
يقدّم هذا المعرض تجربة تتحدى التشتّت المُزمن الذي ساد في عصر بات فيه الانتباه عملة نادرة. من خلال سينوغرافيا جريئة وتصاميم تفاعلية وتفسيرات معاصرة وأعمال فنية خاصة، يسعى هذا المعرض إلى إشعال شرارة الإلهام والخروج عن الفكر المألوف عبر إعادة طرح السؤال الجوهري: ما الذي يعنيه أن نصنع ميماً؟