التلاقي الإبداعي: الأزياء والتصميم في المعارض خلف الكواليس
لأسباب تتعلق بالاستدامة، كان الخيار الأول هو البحث عن جهات مقرضة لديها العناصر المطلوبة واستعارة ما يلزم منها. نجحنا في الحصول على بعض مكونات الأزياء على سبيل الاستعارة، أما الباقي فقد قمنا بصنعه خصيصاً من أجل هذا المشروع بمواد اشتريناها من السوق. من التحديات التي برزت خلال هذه العملية كان العثور على عناصر دقيقة تتطابق مع الصور المرجعية المأخوذة من المسلسل، والتي كانت أصعب بكثير مما توقعت في البداية، حيث كنا نبحث عن عناصر تتشابه كثيراً مع الأزياء الأصلية، لمسلسل أُنتج قبل خمسة عشر عاماً تقريباً.
وهنا أيضاً شكَّل العثور على الحجم المناسب تحدياً كبيراً، حتى بعد العثور على المواد المطلوبة، كانت هناك متطلبات أخرى يجب الوفاء بها، كقياس الملابس التي تناسب جسم كل شخصية. بالنسبة لقميص شخصية (أسعد)، كان علي شراء قميصين من نفس النوع ثم خياطتهما معاً للحصول على الحجم المطلوب. وكذلك بالنسبة لقميص جودة، كان علي البحث عن لون معين من طبعة جلد الأفعى. لسوء الحظ، وبما أن الطبعة لم تعد رائجة حالياً، فقد تطلب العثور على قميص جاهز أو العثور على قماش غير مخيّط، الكثير من البحث والعمل. بعد البحث الدقيق في أسواق الأقمشة المحلية، وجدت أخيراً قماشاً مماثلاً، فقمنا بخياطته خصيصاً للشخصية.
إلى جانب الملابس، لعبت الأكسسوارات، بما في ذلك الأحذية، دوراً رئيساً في تصميم الزيين. لقد استطعنا الحصول على حذاء أسعد على سبيل الاستعارة، أما بالنسبة لحذاء جودة فقد كان علي شراء حذاء جديد يشبه الحذاء الأصلي. ورغم التحديات، إلا أنه كانت هناك بعض الأوقات الممتعة، أحدها كان جعل الحذاء الجديد يبدو قديماً. بعد استشارة أساتذتي في جامعة فرجينيا كومنولث في قطر، قررت أن أستخدم تركيباتٍ وألواناً مختلفة لإحداث تغضّنات على هذا الزوج من الأحذية بحيث يبدو قديماً ومهترئاً.
كانت هناك قطعة ملابس أخرى مهمة هي الوشاح الأحمر المحبوك يدوياً، والذي قمت بحياكته بنفسي بسبب عدم وجود وشاح جاهز مثله في السوق، وهو أمر لم أفعله من قبل. لحسن الحظ كنت أستطيع الحياكة وهذا أمر تعلمته من ملاحظتي لوالدتي التي تحيك كثيراً. وهكذا تمكنت من صنع الوشاح بالحجم الذي نريده.
كان الجزء الأكثر أهمية في الأزياء هو صنع حشوات الجسم للشخصيتين، فلكل شخصية شكل/ حجم جسم مختلف، وبالتالي تطلب الأمر حشوات مختلفة. كانت صناعة حشوة معدَّلة حسب الزي تجربة فريدة، رغم صعوبتها. لكن وبتوجيه من أحد أساتذة قسم الأزياء في جامعة فرجينيا كومنولث في قطر، المتخصص في تصميم أزياء المسلسلات، تمكنت من تحقيق النتائج المرجوة.
لم يقتصر دوري كمصممة في هذا المعرض على الأزياء فقط. فقد أتيحت لي الفرصة للمشاركة في إعداد المناظر أو الديكورات لمشهد من مسلسل الملك فاروق (2007)، فقمت بتصميم الجدار الذي يشكّل خلفية للمشهد، بناءً على صور مأخوذة من المسلسل المذكور. تطلب المشهد، الذي يظهر فيه مكتب الملك فاروق، الكثير من البحث. ومثلما حصل مع الأزياء، استطعنا الحصول على بعض عناصر المشهد عن طريق الاستعارة من بعض المجموعات الخاصة أو المتاحف أو الأفراد، وشحنها من بلدان أخرى. أما العناصر المتبقية فكان علينا إحضارها من مصادر محلية. لقد بحثنا في الوثائق المصرية القديمة أيضاً، وقمنا بإضفاء عامل القِدَم عليها لخلق احساس مسرحي. لإكمال المجموعة، صممت رسومات مخصصة للجدار خلف المكتب، مع إضاءة خلفية. كانت التجربة جديدة بالنسبة لي، وقد استمتعت بها كثيراً.
كانت هذه الرحلة، من بدايتها وصولاً إلى تركيب المعرض، تجربة مثمرة، فهدفي لم يكن تحقيق النتائج المطلوبة فحسب، بل تطوير حرفيتي الفنية، وهذا دفعني للخروج من نطاقي المريح وسبر آفاق أوسع. أثناء العمل في هذا المشروع، تعرفت على عالم المتاحف والمعارض وتقنيات ترميم القطع وتخزينها، وإجراء الأبحاث على القطعة الفنية قبل عرضها. كان هذا المشروع أكثر من مجرد معرض- لقد كان تعاوناً بين حقولٍ إبداعية مختلفة من تصميم، وأزياء، وديكور داخلي، وغرافيك، وإضاءة وتطوير معارض. أنا فخورة بكوني جزءاً من هذه الرحلة الرائعة.
___هذه المقالة هي نسخة مطوَّلة من مقالة طيبة نظير التي نُشرت في كتيب "في المجلس"، المصاحب لمعرض "العالم يشاهد المسلسلات"، ربيع 2023.